Inspirational journeys

Follow the stories of academics and their research expeditions

ماذا يحدث لطفل يعيش بين أم نرجسية وأب حادّ الطباع أو يعاني اضطرابًا نفسيًا؟

Dr. Ahmed Fouad

Sun, 14 Dec 2025

ماذا يحدث لطفل يعيش بين أم نرجسية وأب حادّ الطباع أو يعاني اضطرابًا نفسيًا؟

ماذا يحدث لطفل يعيش بين أم نرجسية وأب حادّ الطباع أو يعاني اضطرابًا نفسيًا؟

بقلم: د. أحمد فؤاد – استشاري الصحة النفسية وعضو الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)

البيت هو أول مدرسة عاطفية ينشأ فيها الإنسان،
ومن خلاله تتشكل رؤيته للحب، والأمان، والعلاقات.
لكن ماذا لو كانت هذه البيئة مليئة بالصراع، والأنانية، والتحكم، والاضطراب العاطفي؟

عندما يُولد طفل في بيت فيه أب أو أم نرجسيان — أو كليهما —
فهو لا يتعلّم الحب، بل يتعلّم النجاة.
ويكبر وهو لا يعرف إن كان يستحق الأمان، أم أنه مطالب طوال الوقت بإثبات وجوده.


البيئة النرجسية: حب مشروط وتدمير للذات

في البيئة النرجسية، يكون الحب مشروطًا بالأداء،
يُحب الطفل عندما يطيع، ويُهمَل عندما يعترض.

الأم أو الأب النرجسي لا يرى الطفل ككيان مستقل،
بل كـ"امتداد لنفسه" يستخدمه ليشعر بالسيطرة أو الفخر أمام الآخرين.

الطفل في هذه البيئة لا يتعلم كيف يُحب،
بل يتعلم كيف يُرضي.

ومع مرور الوقت، يبدأ في فقدان صوته الداخلي،
ويُبرمج على أن الحب يعني ألمًا وتضحية دائمة بالنفس.


الأب الحادّ الطباع والأم النرجسية: نموذج من الصراع الدائم

حين يكون الأب عصبيًّا أو حادّ المزاج، والأم نرجسية،
ينشأ الطفل في دوامة من التوتر المستمر.
الأب يزرع الخوف والانفعال، والأم تزرع التلاعب والابتزاز العاطفي.

النتيجة؟
طفل يخرج إلى الحياة وهو لا يفهم معنى الأمان العاطفي.
يعيش في حالة يقظة دائمة — ينتظر الانفجار التالي أو اللوم القادم.

وغالبًا ما يتحول هذا الطفل في الكبر إلى:

  • شخص مفرط الحساسية يبحث عن رضا الجميع،

  • أو نسخة أخرى من أحد والديه، يكرر النمط ذاته دون وعي.


عندما يعاني الوالدان من اضطرابات نفسية

في بعض الحالات، لا يكون أحد الوالدين نرجسيًا فقط،
بل قد يعاني الاثنان من اضطرابات نفسية مختلفة: اكتئاب، اضطراب حدّي، قلق مزمن...
هنا يتحول البيت إلى مسرح للألم العاطفي.

الطفل في هذه البيئة يصبح الراشد الصغير،
يحاول إصلاح والديه، أو يحمل مسؤولية ليست من عمره.
فيكبر وهو يشعر أن قيمته في الإنقاذ، لا في الوجود.

???? هذه الحالة تُعرف في علم النفس بـ Parentification
أي "تقمص دور الوالدين"، حيث يصبح الطفل هو الأب أو الأم في العلاقة.


التأثير النفسي على الأبناء

  1. فقدان الهوية العاطفية
    لا يعرف من هو فعلًا، لأن مشاعره كانت دومًا مرفوضة أو مستغلة.

  2. انخفاض تقدير الذات
    نشأ على أنه "لا يكفي"، مهما فعل.

  3. الخوف من العلاقات
    يرى الحب مرادفًا للألم، فيختار العزلة أو العلاقات غير المتزنة.

  4. تكرار النمط
    دون وعي، ينجذب لشريك يشبه أحد والديه، فيعيش القصة نفسها من جديد.


كيف يمكن كسر هذه الحلقة؟

  1. الوعي هو البداية:
    الاعتراف بأن البيئة التي نشأ فيها كانت مضطربة هو أول خطوة للشفاء.

  2. العلاج النفسي المتخصص:
    خصوصًا جلسات العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج العائلي.

  3. إعادة تعريف الذات:
    الطفل الداخلي ما زال موجودًا، ويحتاج إلى الأمان والحب غير المشروط.

  4. تعلم الحدود:
    العلاقات الصحية تبدأ حين يعرف الإنسان أن الحب لا يعني التضحية بالنفس.


الخلاصة

أن تكبر في بيت نرجسي أو مليء بالاضطرابات النفسية،
يعني أنك لم تُمنح طفولة طبيعية.
لكن ذلك لا يعني أنك محكوم بالماضي إلى الأبد.

يمكن للوعي والعلاج أن يغيّرا المسار،
فليس شرطًا أن تُعيد ما تعلمته...
يمكنك أن تبدأ من جديد.

0 Comments

Leave a comment